Monday, October 26, 2009

اضلاع مثلث الاصلاح..نظرة في فكر كولن

هذا المقال عبارة عن مقتبسات من بحث
فلسفة التعليم: السباحة في المجال الحيوي

* لد. سمير بودينار
في مؤتمر الاصلاح في العالم الاسلامي (خبرات مقارنة مع حركة فتح الله كولن التركية ) والمنعقد بالقاهرة في جامعة الدول العربية
ويعد دراسة لفلسفة التعليم لدي كولن باعتبار التعليم هو اللبنة الاساسية في حركته



******************
أضلاع مثلت الإصلاح:
كولن يقدم إطارا فكريا لحقل التعليم، وذلك في مستويات ثلاث تمثل مفاتح في فهم خصائص المنظومة التربوية وعناصر نجاحها في عالم اليوم، وهذه المستويات الثلات هي:
1- خاصية الإنسان وبشكل أدق ما يسميه الأستاذ كولن " الإنسان الجديد"
2- وخاصية الإسلام
3- وخاصية المرحلة أو العصر
.

وتكمن أهمية هذه المستويات الثلات في كونها العناصر الاساسية لفهم منظور الأستاذ كولن الإصلاحي الشامل، بما في ذلك مجال التعليم، وبالتالي فإن أي محاولة لفهم مشروعه الدعوي وتجلياته في حقل التعليم خاصة، لا يمكن إنجازها بمعزل عن إدراك تلك الأضلاع الثلاثة لمنطومة التغيير وفق ذلك المنظور

· الإنسان الجديد:

يقول كولن
سيولد إنسان جديد كل الجدة، إنسان يفكر ويحاسب، ويوازن ويدقق، ويعتمد على التجربة قدر اعتماده على العقل، ويثق ويؤمن بالإلهام والوجدان قدر اهتمامه بالعقل والتجربة؛ إنسان يحاول دوما بروحه وبدنه الوصولَ إلى الأفضل، ويرغب في الوصول إلى الكمال والتكامل في كل شيء. إنسان يسمو بالموازنة بين الدنيا والآخرة، ويوفق إلى الجمع بين عقله وقلبه فيصبح نموذجا جديدا لا مثيل له".
" فكما أن الشرق والغرب لن يستطيعا أسره ووضع السلاسل في قدميه، فكذلك لن تستطيع الأفكار والفلسفات التي تتناقض مع هويته المعنوية وجذوره أن تغير وجهته وتضله في ظلامها عن طريقه، بل ولن تستطيع أن تزحزحه عن مكانه قيد أنملة أو أقل من ذلك".

وهو يرسم ملامحه بهذه الصورة:
1. الإنسان الجديد رجل حر في تفكيره، حر في تصوره، حر في إرادته، وحريته هذه مرتبطة بقدر عبوديته لله سبحانه وتعالى. ثم إن الإنسان الجديد لا يتشبه بالآخرين ولا يتمثل بهم، بل يحاول جاهدا أن يتزيّى بهويته الذاتية ويتزيّن بمقوماته التاريخية.
2. الإنسان الجديد ممتلئ بالفكر، ملتهب بعشق البحث، مفعم بالإيمان، قابل للوجدانيات، متشبع بنشوة الروحانية ومعانيها... إنسان يبدي كفاءة من نوع آخر في سبيل بناء عالمه، مستفيدا من إمكانيات عصره إلى أقصى حد، متمسكا بمبادئه وقيمه الذاتية.
3. الإنسان الجديد، هو إنسان يحمل في قلبه إيـمان أجداده الأجلاّء، ويفكر تفكير أعلام حضارته العظماء، ويمتلئ مثلهم رغبة في إسماع صوته وإظهار قوة رسالته للبشرية جمعاء.
4. الإنسان الجديد يستخدم جميع وسائل الاتصالات الحديثة؛ كتباً وجرائد ومجلات، وإذاعة وتلفازاً ومنشورات للولوج إلى القلوب والنفوذ إلى العقول والدخول إلى الأرواح، ويثبت جدارته من خلالها مرة أخرى، بل ويسترد مكانته المسلوبة في التوازن العالمي من جديد.
5. الإنسان الجديد، هو إنسان عميق من حيث جذوره الروحية، متعدد من حيث ما يملكه من كفاءات صالحة للحياة التي يعيش في أحضانها. إنه صاحب القول الفصل في كل الميادين بدءا من العلم إلى الفن ومن التكنولوجيا إلى الميتافيزيقيا، وصاحب خبرة ومراس في كل ما يخص الإنسان والحياة.
6. الإنسان الجديد متشبع بحب الوجود كله، حارس للقيم الإنسانية وراصد لها. فهو من جهة يحدد موقعه وينشئ ذاته على أساس الأخلاق والفضيلة التي تجعل من الإنسان أنسانا مثاليا، ومن جهة أخرى يحتضن الوجود كله بقلبه الواسع وشفقته الشاملة، ويسعى دائما من أجل إسعاد الآخرين.
7. الإنسان الجديد يملك طاقة بنّاءة وروحا مؤسِّسا، يبتعد عن النمطية بشدة، يعرف كيف يجدد نفسه مع الحفاظ على جوهره، ويعرف كيف يروّض الأحداث فتأتي لأمره طائعة خاضعة...لأن الإنسان الجديد، بطل التوازن بكل ما تعنيه كلمة التوازن؛ فهو يرى أن الأخذ بالأسباب من واجبه، والتسليم للحق تعالى من صميم إيمانه.
8. الإنسان الجديد فاتح ومكتشف معا، يغوص كل يوم في أعماق أعماق ذاته،...ويلح على طرق الأبواب المكنونة وفتحها في الآفاق والأنفُس"
[1].

· خاصية الدين..أو مكامن قوة الإسلام في عالم اليوم:
"

أن الإسلام منفتح على اقتباسِ ما يمكن اقتباسه من قيم الأمم الأخرى؛ فالإسلام يبحث عن كل فائدة ومصلحة حتى وإن كانت في أقصى بقاع الأرض، ويطلبها أنّى يجدها. وكما اقتبس في الماضي من علوم الفيزياء والكيمياء والرياضيات والفلك والهندسة والطب والزراعة والصناعة والتقنيات الأخرى أينما وجدها، ثم قوّمها وطوّرها وأودعها أمانة للأجيال الآتية، فاليوم أيضا يأخذ كل ما يمكن أخذه أينما وجده، وينميه ويطوره -إن استطاع- ويُودِعه أمانة للوارثين الجدد.".

لأن الإسلام كما يقول "إيمان، وعبادة، وأخلاق، ونظام يرفع القيم الإنسانية إلى الأعلى، وفكر، وعلم، وفن. وهو يتناول الحياة كلاًّ متكاملاً، فيفسرها، ويقوّمها بقيمه. وهو يفسر أداء الحياة دوماً ممتزجاً مع الواقع، ولا ينادي البتة بأحكامه في وديان الخيال بمعزل عن الحياة. يربط أحكامه وأوامره بمعطيات الحياة المعيشة وبإمكانية التطبيق، ولا يبني الأحكام في دنيا الأحلام. الإسلام متواجد وحركي في الحياة بكل مساحاتها، من المعتقدات إلى أنشطة الفن والثقافة... وذلك هو أهم الأمارات والأسس لحيويته وعالميته الأبدية"


· خاصية العصر..أو القرن الواعد:
"

لقد كان القرن الثامن عشر، بالنسبة لعالمنا، قرن التقليد الأعمى والمبتعدين عن جوهرهم وكيانهم؛ وكان القرن التاسع عشر، قرن الذين انجرفوا خلف شتى أنواع الفانتازيات واصطدموا بماضيهم ومقوماتهم التاريخية؛ والقرن العشرون، كان قرن المغتربين عن أنفسهم كليا والمنكرين لذواتهم وهويتهم، قرن الذين ظلوا يُنقّبون عن مَن يرشدهم وينير لهم الطريق في عالمٍ غير عالمهم. ولكن جميع الأمارات والعلامات التي تلوح في الأفق تبشر بأن القرن الواحد والعشرين، سيكون قرن الإيمان والمؤمنين، وعصر انبعاثنا ونهضتنا من جديد.

الخلاصة :
ان اضلاع مثلث النهوض تكمن في

ظهور الانسان الجديد مؤمنا بان الاسلام جمع بين التنظير والتطبيق كأفضل مايكون متيقنا من احقيته في النهوض متفائلا بان هذا العصر هو عصر نهضته

****************
د. سمير بو دينار *
مدير مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية - وجدة / المغرب
دكتوراه في العلوم السياسية ودبلوم الدراسات العليا في علم الاجتماع السياسي

No comments:

Post a Comment