Monday, November 30, 2009

كتاب سعيد النورسي .. حركته ومشروعه الإصلاحي في تركيا


سعيد النورسي .. حركته ومشروعه الإصلاحي في تركيا


تأليف : د. آزاد سمو
عرض : حواس محمود

يتناول المؤلف حياة العلامة بديع الزمان سعيد النورسي ومشروعه الإصلاحي في تركيا. يشير المؤلف الى أن العديد من الكتاب والباحثين قد تناولوا جوانب متعددة من حياة وفكر وجهاد النورسي، ولكن مع ذلك فهنالك الكثير من الجوانب الأخرى التي هي بحاجة للبحث والدراسة لم يتناولها الباحثون الذين درسوا تجربة النورسي وبحسب المؤلف فانه لا يمكن دراسة تاريخ تركيا خلال القرن العشرين .
بعيدا عن ذكر الاستاذ النورسي ودوره المؤثر والواضح في الكثير من الأحداث التي شهدتها تركيا خلال القرن المنصرم، وما تتميز به شخصية النورسي هو انها تستوقف قارءها أكثر من غيرها من الشخصيات، فالأستاذ النورسي يتميز عن غيره بتأثيره العجيب على الشخص المقابل، ولا زال تأثيره باقيا على من يطالع رسائلـــــه ( رسائل النور) وكذلك طريقته وأسلوبه في العيش وتعامله مع الآخرين وشخصيته التي جمع فيها عدة شخصيات.
إن ماتم التركيز عليه من قبل المؤلف وما افتقدته الدراسات الأخرى هو الجانب الحركي والتنظيمي وهي من الجوانب المهمة في حياة النورسي، وكذلك كرديته واهتمامه بشعبه الكردي وإصلاحاته داخل المجتمع الكردي جانب لا يقل أهمية عن الجوانب الأخرى، لقد عاصر الاستاذ النورسي مرحلتين من مراحل الحكم في تركيا وهما مرحلة حكم السلاطين ومرحلة الجمهورية، وقد قضى الاستاذ النورسي ( 48) سنة من عمره في المرحلة الأولى في عهد سلاطين آل عثمان، فالأستاذ النورسي ولد سنة 1293 هجرية 1876م أي نفس السنة التي تولى السلطان عبد الحميد الثاني عرش السلطنة، كما عاصر كلا من السلطان محمد الخامس ومحمد السادس، والسلطان عبد المجيد الثاني الذي يعد آخر السلاطين العثمانيين، فقد ألغيت الخلافة الإسلامية في عهده، أما السنوات المتبقية من عمر النورسي وهي ( 36) عاما فقد قضاها في ظل الحكم الجمهوري في تركيا.
ويعرف المؤلف حركة النور أو حركة رسائل النور التي أسسها النورسي بأنها جماعة إسلامية إصلاحية أسسها الأستاذ سعيد النورسي في كردستان تركيا، تتلقى تعليماتها من نور القرآن الكريم وهدفها إبراز مزايا القرآن الكريم، وإنقاذ البشر من الزيغ والضلال، وتجدر الاشارة إلى أن حركة النور هي نسبة إلى كلمة ( النور) وليست الى النورسي مؤسس الحركة، كما يتوهم البعض، يحدد المؤلف سنة 1899 م كبداية لمرحلة جديدة من مراحل عمر الحركة وهي بداية الانعطاف في مسيرة النورسي الدعوية والإصلاحية، وفيما يتعلق بمشروعه الإصلاحي يشير المؤلف إلى جانبين من الإصلاح هما إصلاح الفرد وإصلاح المجتمع.
لقد سلك النورسي في إصلاح المجتمع مسلك الأطباء في معالجتهم للمرض، فكما يقوم الطبيب في بداية الأمر بتشخيص المرض فإذا اكتشفه تمكن من اختيار الوصفة الطبية المناسبة لذلك المرض بكل يسر وسهولة، كذلك قام النورسي في بداية الأمر بتشخيص علة المجتمع فحددها بست علل وبعد تشخيصها حدد لكل علة من تلك العلل الدواء الناجع، ويشير المؤلف إلى أن النورسي قد تحدث عن أخطر العلل في الخطبة الشامية التي ألقاها في الجامع الأموي بدمشق سنة 1911 م بقوله: “ لقد تعلمت الدروس من مدرسة الحياة الاجتماعية، وعلمت في هذا الزمان والمكان أن هناك ستة أمراض جعلتنا نقف على أعتاب القرون الوسطى في الوقت الذي طار فيه الأجانب وخاصة الأوروبيين نحو المستقبل، وتلك الأمراض هي :
أولا : حياة اليأس الذي يجد فينا أسبابه وبعثه.
ثانيا : موت الصدق في حياتنا الاجتماعية والسياسية.
ثالثا : حب العداوة.
رابعا: الجهل بالروابط النورانية التي تربط المؤمنين بعضهم ببعض.
خامسا : سريان الاستبداد سريان الأمراض المعدية المتنوعة.
سادسا : حصر الهمة في المنفعة الشخصية “.
ويتناول النورسي الاستبداد ويرى أن سبل ووسائل مواجهة الاستبداد هي النقاط التالية :
أولا : الدعوة الى الحرية ونشرها بين الناس.
ثانيا : تطبيق الشورى والديموقراطية في الحكم.
ثالثا : الفصل بين السلطات.
رابعا : خضوع الحاكم للمراقبة والمحاسبة.
خامسا : الابتعاد عن الأنانية.
ومعظم هذه السبل التي حددها النورسي نتلمس الحاجة اليها في أيامنا المعاصرة، وعموما الكتاب جدير بالقراءة والمتابعة لمفكر إسلامي نهضوي ( قليلة هي الدراسات العربية عنه وعن مشروعه الإصلاحي ) عاش حياة عاصفة مليئة بالمتاعب والهموم على يد السلاطين وفيما بعد المنفى والتشرد على يد مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الدولة العلمانية في تركيا.


هامش :

الكتاب : سعيد النورسي حركته ومشروعه الإصلاحي 1876- 1960
المؤلف : د. آزاد سمو
الناشر: دار الزمان دمشق ط1 2008
الصفحات 344 ق كبير

No comments:

Post a Comment