Saturday, November 7, 2009

ادب الاختلاف ...غزلان والقرضاوي نموذجا

غزلان والقرضاوي
اختلاف مشروع ام تفرق مذموم ؟

الحقيقة هالني ما هالني حين عدت للاجازة لاسمع من بعض الاصدقاء ان الدكتور غزلان قد رد علي العلامة يوسف القرضاوي
بخصوص ما قاله في الموضوع المتعلق بالدكتور عصام وخاصة ان رد الفعل كان مبالغا فيه فصدمني قبل ان اقرأ
في البداية تألمت الما شديدا
لان بالنسبة لي كلاهما شكل لي جزءا كبيرا من فكري وتربيتي
واتذكر جيدا ان اول كتااب اقرأه للقرضاوي كان من مكتبة الدكتور محمودغزلان وفي منزله وان الدكتور محمود كان من اوائل من نصحني بقرأة كتب القرضاوي

وهذا يجعل من الصعب جدا لدي ان اتحيز لاحدهما دون الاخر او ان ادافع عن رأي احدهما دون الاخر
فهما لي كأب وجد ومشاعري تجاههما مشاعر ابن نحو ابيه وجده

ويصعب علي ان اقوم بالتعليق علي موضوع مثل هذا يتحدث فيه استاذ عملاق كالقرضاوي وتلميذ نجيب له كغزلان والذي بدوره هو استاذ لجيل يليه

وكنت قد قررت منذ فترة الا اكتب عن الاخوان بشكل مباشر لاسباب عديدة لا نقدا ولا مدحا ولا دفاعا ولا هجوما لاسباب ليس هنا محل شرحها ولا مجال عرضها وأثرت ان اكتب دائما بشكل عام عن الحراك الموصوف بالاسلامي والاخوان هم جزء منه بالتبعية

واليوم انا لن اغير قراري او ابدل مبدأي في عدم الحديث فانا لن اعرض رأيي في مسألة الدكتور عصام عريان
وانما سأتحدث عن الاختلاف الذي ظهر علي صفحات الجرائد بين غزلان والقرضاوي وسأسميه الحوار المتبادل وليس الاختلاف احتراما لكلاهما وتقديرا لحجمهما
**************
اولا : المتابع للساحة في الفترة السابقة يجد ان هناك حوارا تم تبادله سابقا بين الدكتور غزلان والمهندس يوسف ندا ووقتها ربما لم تسنح لي الفرصة للكتابة حوله ولو سنحت لم اكن لاكتب علي الرغم انه قد احزنني بعض ما ورد في الحوار وان كنت سعيد بحدوث تلك التجربة الحوارية علي مالها من سلبيات وحزين للغاية للطريقة التي دافع بها بعض الشباب عن الاول او الثاني وقليل من استطاع تقييم الحوار بشكل علمي بعيدا عن الشخصنة او الدفاع والهجوم * وقد وجب الاشارة الي هذا الحوار للدلالة علي ان حديثنا اليوم ليس عن حوار هو الاول من نوعه

وان كنت اري اختلافا جوهريا بين الحوارين وهو ان الاول كان يدور بين فردين من داخل التنظيم وكلاهما يعبر عن رأيه الشخصي وليس رأي الاخوان اما الحوار الثانني فهو بين عضو في التنيظم وفرد من خارج التنظيم

ورؤيتي لكلا الحوارين تدور علي انهما نماذج لترشيد فقه الاختلاف والتعلم ن اخطاء السابقين ودل علي هذا تطور لهجة الخطاب في حوار غزلان والقرضاوي عنه في حوار غزلان وندا
وانا هنا لست في صدد تقديم مقارنة بين الحواريين وان كان الحواريين يستحقا بالفعل ان يقارنا ليلاحظ التطور في ادبيات الحوار وفقه الاختلاف
*******************
بداية : اردت بكتابة تعليقي هذا ان لا يخوض شباب الحركة المبدعين والمفكرين من اصحاب الطاقات الابداعية في خلافات ما بين مدافع عن او مهاجم لـ وان لا تقوم معركة بما يسميهم الاعلاميين بالاصلاحييين والمحافظين لاني اؤمن ان كل اصلاحي يريد تجديد الوسائل دون المساس بالثوابت الشرعية فهو محافظ وكل محافظ يريد حفظ ثوابت دينه فهو اصلاحي ولابد من كلاهما المجدد للوسائل والمحافظ علي الثوابت لتكون حركة التجديد قد تعدت افة الجمود وابتعدت عن افة التطرف واتخذت بين ذلك سبيلا وسطا
***

ساقوم اولا بوضع مجموعة من المقاطع من كلا المقالين معنونين في خمس نقاط واختم في السادسة بتلخيص موجز والله المستعان

النقطة الاولي : تحديد الحجم الادبي

غزلان : ما كنت أتصور أن يأتى اليوم الذى يرد فيه مثلى على مثلك، وأنا أعتبر نفسى من تلاميذك الذين نهلوا من فيض علمك، ودرسوا كثيراً من كتبك، وتأثروا بمنهجك ومذهبك،
ولا أحسب أحداً من الإسلاميين فى هذا الزمان إلا ويقر بفضلك ويقدر جهدك واجتهادك وفكرك وفقهك، وبقدر هذه المكانة الكبيرة فى نفوسنا

القرضاوي : ما كنتُ أحسب أن تصريحى لجريدة «الشروق» القاهرية سيُحدث كلَّ هذا الزلزال والتداعيات، وقد حُمِّل أكثر مما يحتمل، وحُمِّل ما لا يحتمل،
أنا لم أكتب مقالة، أو بحثا عن الإخوان، بل صرَّحت تصريحا، كان جوابا عن سؤال، فيجب أن يؤخذ فى سياقه وسباقه.

النقطة الثانية : تحديد النية الصالحة

غزلان : ولقد انتظرنا عدة أيام لعلك تكذب هذه التصريحات إلا أن فضيلتك لم تفعل، ومن ثم كان لزاماً علينا أن نتوجه إليك بالنصيحة التى هى الدين، كما علمنا المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وبالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وأنت خير من يعلم حكمهما الشرعى


القرضاوي : أردتُ بتصريحى لصحيفة «الشروق» أن أُحدث هزَّة فى الإخوان، تخرجهم من الركود،
ولم أُرد الإساءة إلى أحد من مكتب الإرشاد الحالى،
لا أظنُّ بالجميع إلا خيرا، فهذا هو شأن المسلم، وهذا شأنى مع كلِّ الناس، فكيف بجماعة تقوم على تجديد الدين، والنهوض بالأمة، ونشر الدعوة، وتربية الأجيال على الإسلام. لا يمكن أن أظنَّ بها السوء،


النقطة الثالثة : حفظ المقام وادب الحوار

غزلان :
فضيلة الدكتور.. تعلمنا منك كثيراً من المبادئ والقيم والأفكار والأخلاق والأحكام
لا أخال فضيلتك تجهل أن الإعلام ـ علاّمة مثلك - يا صاحب الفضيلة - هل علمت يا سيدى لماذا كانت صدمتنا عظيمة وحسرتنا فادحة!
- ظلم ذوى القربى أشد مضاضة –
القضية يا سيدى إن فضيلتك من أكثر العلماء دعوة للالتزام بالشورى - فضيلتك
إننا يا سيدى لا نقف فى وجه أحد من الإخوة- إننا كنا ننتظر من فضيلتك أن تعرف الحقيقة كاملة أولاً

فإننا ننتظر من فضيلتك بمقتضى مقام العلم وكرامة الدعوة وفضيلة الخلق أن تصحح ما حدث، فمازال الكثيرون يتوقعون من فضيلتك درساً بليغاً بلسان الحال والمقال، ولئن فعلت ذلك فقد سبقك فيه من هو خير منا ومنك الفاروق وذو النورين رضى الله عنهما

وإذا التمسنا العذر للعامة الذين تشكل الحملات الإعلامية الظالمة وعيهم، فمثلك أكبر بكثير من أن يتأثر

القرضاوي :
فكيف بجماعة تقوم على تجديد الدين، والنهوض بالأمة، ونشر الدعوة، وتربية الأجيال على الإسلام. لا يمكن أن أظنَّ بها السوء،
هذا لا يعنى تجريد الآخرين من الفضل، فإن صيغة (أفعل التفضيل) كما تعلَّمنا فى (النحو): تستوجب اشتراك الجميع فى الأمر، وزيادة بعضهم فيه

وفى كتابى (الإخوان المسلمين سبعون عاما فى الدعوة والتربية والجهاد): الإخوان ــ على ما فيهم من عيوب، وما عليهم من ملاحظات ــ هم أفضل المجموعات الموجودة على الساحة المصرية والعربية والإسلامية، من حيث سلامة العقيدة، واستقامة الفكر، وطهارة الخلق، ونظافة اليد، والوعى بقضايا الأمة، والغيرة على حرماتها؟

الإخوة الذين علَّقوا على تصريحى بأدب وحسن خلق، أمثال د. محمود غزلان الذى أعرفه منذ زمن، ود.
أحمد عبدالعاطى، الذى لم أسعد بمعرفته، أشكر لهما حسن أدبهما وذوقهما،

نى لم أقصد الإساءة إلى أحد منهم ولا من إخوانهم. وكيف وأنا أعتبر أبناء الدعوة والصحوة كأنهم أفلاذ كبدى!
فأنا لا أقصد أىَّ أحد من الموجودين معاذ الله،

كما ليس بينى وبين أحد من الإخوان الذين اعتبرونى مضادًّا لهم أى عداوة أو خصومة، أو نفرة بوجه ما، وكلُّهم أبنائى وإخوانى،
حتى مَن انتقدتُه وشددتُ عليه فى النقد، فإنما هى شدَّة الوالد على ولده فى بعض الأحيان؛
ومَن ظنَّ من إخوانى وأبنائى أنى أسأتُ إليه، أو قسوتُ عليه، فأنا أعتذر إليه.


النقطة الرابعة :صلب الموضوع ..تقديم نقاط الاتفاق وتقليل نقاط الاختلاف
1. البعد عن الاحداث
غزلان : اتخذت موقفاً قاسياً من قضية لم تحط علماً بأبعادها وتفاصيلها،
القرضاوي : واستغرابى لسقوط العريان فى أىِّ انتخابات داخل الإخوان: استغراب مشروع، من إنسان يراقب من بعيد،
2.الظن
غزلان : أم استقيت معلوماتك من الظن؟
القرضاوي : ولا أظنُّ بالجميع إلا خيرا لا يمكن أن أظنَّ بها السوء،
3.
منطلق الحديث
غزلان : أم استقيتها من أحد الأطراف؟
القرضاوي :
وتزكيتى لعصام، إنما كانت لمعرفتى به وبمواهبه وقدراته، وليس على الإنسان أن يشهد إلا وفق معرفته: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا}
4.
اتهام اعضاء المكتب
غزلان : أن تتهم أعضاء مكتب الإرشاد بخيانة الدعوة والجماعة والأمة؟
القرضاوي : ولم أُرد الإساءة إلى أحد من مكتب الإرشاد الحالى،
وتخصيص إنسان بالمدح لمناسبة لا يقتضى ذمَّ الآخرين،
هذا لا يعنى تجريد الآخرين من الفضل، فإن صيغة (أفعل التفضيل) كما تعلَّمنا فى (النحو): تستوجب اشتراك الجميع فى الأمر، وزيادة بعضهم فيه.

غزلان : أن تصف إخوانك بالمتردية والنطيحة وما أكل السبع؟
القرضاوي : وما أخذوه علىَّ من كلمة (المتردية والنطيحة)، فأنا لا أقصد أىَّ أحد من الموجودين معاذ الله،
وأحب أن أذكر: أنى لم أقصد الإساءة إلى أحد منهم ولا من إخوانهم. وكيف وأنا أعتبر أبناء الدعوة والصحوة كأنهم أفلاذ كبدى!
5.
توحيد الهدف
غزلان : ننا يا سيدى لسنا طلاب مناصب، فهى فى حالتنا ـ كما تعلم ـ خطر جسيم وعبء ثقيل
القرضاوي : يعلم الله وحده أنه لا هدف لى من وراء ما قلتُه أو أقوله، إلا وجه الله، ونصرة الإسلام، وخدمة الدعوة،

النقطة الخامسة : الختام
غزلان : فإننا ننتظر من فضيلتك بمقتضى مقام العلم وكرامة الدعوة وفضيلة الخلق أن تصحح ما حدث، فمازال الكثيرون يتوقعون من فضيلتك درساً بليغاً بلسان الحال والمقال، ولئن فعلت ذلك فقد سبقك فيه من هو خير منا ومنك الفاروق وذو النورين رضى الله عنهما.

وختاماً تقبل منا خالص الود والمحبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


:القرضاوي
كما ليس بينى وبين أحد من الإخوان الذين اعتبرونى مضادًّا لهم أى عداوة أو خصومة، أو نفرة بوجه ما، وكلُّهم أبنائى وإخوانى، حتى مَن انتقدتُه وشددتُ عليه فى النقد، فإنما هى شدَّة الوالد على ولده فى بعض الأحيان؛
اللهم إن كنتُ أحسنت فتقبَّل منى، وإن كنتُ أسأتُ فاغفر لى، ومَن ظنَّ من إخوانى وأبنائى أنى أسأتُ إليه، أو قسوتُ عليه، فأنا أعتذر إليه. وما قصدتُ سوءا بأحد: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِى إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب} [هود: 88].


**********************
تلخيصا :

اولا : تحديد النية

كلاهما اراد النصيحة(نتوجه إليك بالنصيحة -أن أُحدث هزَّة فى الإخوان، تخرجهم من الركود) وهو حق مشروع لهما علا مقام من علا وقل مقام من قل ويظل النصح المتبادل واجبا

ثانيا: تحديد الحجم الادبي

بدأ غزلان رسالته كما اسلفنا بحفظ المقام الادبي للعلامة القرضاوي (وأنا أعتبر نفسى من تلاميذك- ولا أحسب أحداً من الإسلاميين فى هذا الزمان إلا ويقر بفضلك) فجاء رد القرضاوي
يحفظ مقام غزلان والجماعة (هم أفضل المجموعات الموجودة على الساحة المصرية والعربية والإسلامية- أشكر لهما حسن أدبهما وذوقهما،)يحدد حجم الموضوع (وقد حُمِّل أكثر مما يحتمل، وحُمِّل ما لا يحتمل،- صرَّحت تصريحا، كان جوابا عن سؤال)

ثالثا : حفظ المقام الادبي

وهنا قدم كلاهما نموذجا فريدا في الاحترام المتبادل رغم الاختلاف
فنري غزلان لم يتحدث في موضع عن القرضاوي الا قائلا (ياسيدي4 مرات -فضيلتك 8 مرات –ياصاحب الفضيلة 4 مرات –ذوي القربي –علامة مثلك ) ليرد القرضاوي (الإخوة الذين علَّقوا على تصريحى بأدب وحسن خلق، أمثال د. محمود غزلان- أشكر لهما حسن أدبهما وذوقهما- وأنا أعتبر أبناء الدعوة والصحوة كأنهم أفلاذ كبدى!- وكلُّهم أبنائى وإخوانى- شدَّة الوالد على ولده- ومَن ظنَّ من إخوانى وأبنائى أنى أسأتُ إليه، أو قسوتُ عليه، فأنا أعتذر إليه.)

رابعا: صلب الموضوع

تم الرد علي الموضوع والاستفسارات التي اوردها غزلان بشكل موضوعي ومنطقي لايتعرض للاشخاص انما يستعرض الوقائع واسبابها ودوافعها ومبرراتها وكل هذا يدخل في اطار الاختلاف المشروع لا التفرق المذموم

خامسا : الختام

قدم كلاهما ختاما يليق برجال الدعوة وقادتها المخلصين فالاول
تعامل كتلميذ ينتظر ردا من صاحب مقام رفيع في العلم
والخلق
(يتوقعون من فضيلتك درساً بليغاً بلسان الحال والمقال )الثاني تحمل مسؤلية استاذيته و يقدم اعتذارا ليس عن خطأ ارتكبه بل عن ما يمكن ان يكون قد اختلج في نفوس ابنائه وفلذات اكباده من ظن (َن ظنَّ من إخوانى وأبنائى أنى أسأتُ إليه، أو قسوتُ عليه، فأنا أعتذر إليه. وما قصدتُ سوءا بأحد) فنعم الاستاذ ولنعم التلميذ

وليكن لنا في هذا علما نتعلمه وفقها نتدارسه وادبا نتخلق به في حواراتنا
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

ان اصبت فمن الله وان اخطأت فمن نفسي والشيطان

م . اسلام العدل

******
تعليق ابراهيم الهضيبي علي حوار غزلان ندا
http://islamyoon.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1239889020536&pagename=Islamyoun%2FIYALayout

مقال دكتور غزلان في جريدة المصري اليوم
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=231617

مقال دكتور يوسف القرضاوي علي موقعه
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=7338&version=1&template_id=119&parent_id=13

No comments:

Post a Comment